يوافق اليوم الثلاثاء 31 أغسطس مرور أربعة أعوام على رحيل نجم النادي الأهلى ومنتخب مصر، محمد عبد الوهاب، الذي غادر دنيانا صباح الخميس 31 أغسطس عام 2006 على البساط الأخضر وهو يؤدي التدريبات الصباحية مع فريق الأهلي باستاد مختار التتش.
ونترككم مع هذه الإطلالة المتجددة . نلتقي اليوم لنعرف سويا قصة نجاح لاعب استطاع أن يجمع بين المعادلة الصعبة وهي حسن الخلق والمهارة العالية مما أعطاه تأشيرة حب الناس التي هي أغلي من كل كنوز الدنيا .
محمد عبد الوهاب ( الغائب الحاضر )
يداعب الكرة بيسراه فتطيعه وتساعده علي تنفيذ كل المهارات من ( رفع عرضيات و إطلاق تسديدات وإحراز أهداف ) . لديه قدر كبير من المهارة الفطرية التي مكنته من احتلال الجبهة اليسري في المنتخب والأهلي رغم وجود أسماء أكبر منه في السن والتجربة . حقق مع المنتخب كأس الأمم الأفريقية وكان له دورا كبيرا جدا في هذا . حقق مع الأهلي عديد البطولات وأصبح الظهير الأيسر الأساسي له . لاعب إجتمع الناس علي حبه وتقديره لأخلاقه العالية واحترامه لنفسه وللآخرين ولمهارته الفطرية . هو اللاعب الذي أصاب جميع المصريين بحالة من الحزن الشديد بعدما علمت بنبأ وفاته أثناء إحدي التدريبات الصباحية للفريق ولم يصدق الكثيرون أنفسهم حينها . هو محمد محمد عبد الوهاب السيد معشوق جمهور الكرة في الوطن العربي بصفة عامة ومصر بصفة خاصة .
السيرة الذاتية للراحل
رحل محمد عبد الوهاب وهو يبلغ من العمر 22 عاما و11 شهر، فهو رحمه الله من مواليد أول أكتوبر 1983 بقرية سنورس بمحافظة الفيوم.
ومحمد عبد الوهاب بدأ مشواره مع الكرة وعمره 14 عاما بمركز شباب سنورس، وعن طريق مدربيه ذهب إلى اختبارات البراعم بالزمالك واجتازها بنجاح واستمر في التدريب مع فرق الناشئين 4 أشهر، لكن والده رفض التوقيع على استمارات القيد بالزمالك، فانتقل لمركز شباب الألمونيوم ومنه إلى الفريق الأول.
نتيجه لتألقه عليه رحمة الله في صفوف الألمونيوم اختاره الكابتن حسن شحاته، المدير الفني للمنتخب الشباب عام 2003، للمشاركة في نهائيات كأس الأمم الأفريقية للشباب رقم 13 في بروكينافاسو عام 2003، وهي البطولة التي أحرزتها مصر بعد تغلبها في النهائي المثير على كوت ديفوار 4/ 3 سجل نجمي الأهلى ومنتخب مصر أحمد فتحي وعماد متعب ثلاثة أهداف، وحسني عبد ربه هدف، وكان محمد عبد الوهاب قد سجل هدف فوز مصر على مالي في دور الأربعة.
مشوار عبد الوهاب مع كرة القدم كان مغلفا بانتصارات وألقاب عديدة، وحقق خلال عمره القصير ما لم يحققه الكثيرون ممن ارتدوا قميص الأهلي ومنتخب طوال سنوات.
عبد الوهاب برز بشدة كلاعب يساري بحت ، يتميز بتسديدات قوية وكرات عرضية متقنة ، وهو ما كانت الكرة المصرية تفتقده في الأعوام الماضية، حتى أن حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب الشباب دأب على إشراك اللاعب الراحل في مركز لاعب الوسط الأيسر في بداية انضمامه لمنتخب الشباب ، وتألق عبد الوهاب في هذا المركز خلال كأس الأمم الأفريقية التي توجت مصر بلقبها.
ولم يكتف عبد الوهاب بالتألق فقط ، فأحرز هدفا حاسما في شباك أصحاب الأرض في مباراة الدور قبل النهائي من ركلة حرة مباشرة أصبحت بعدها "ماركة مسجلة" باسم النجم الراحل حرص على التسجيل منها باستمرار.
ومن كأس الأمم الأفريقية إلى كأس العالم بالإمارات ، واصل عبد الوهاب مشاركته بانتظام مع منتخب مصر ، وازداد تألقا بعد أن أعاده شحاته إلى مركز الجناح الأيسر المدافع الذي يجيد فيه كثيرا.
وخلال كأس العالم ، جذب عبد الوهاب أنظار نادي الظفرة الإماراتي الذي يلعب في الدرجة الثانية ، وضمه من الألومنيوم لمدة أربع سنوات.
لكن عبد الوهاب لم يرتد قميص الظفرة أبدا ، فالنادي الإماراتي أعاره في الموسم الأول إلى إنبي الذي كان في بداية بزوغ نجمه في الدوري الممتاز ومن ثم ضمه الإيطالي ماركو تارديللي للمنتخب الأول استعدادا لبدء تصفيات كأس العالم ، ووضع عبد الوهاب بصمته في مشاركته الأولى الدولية بهدف في شباك السودان في مستهل مباريات التصفيات.
ولم يفت تألق عبد الوهاب الشديد على مسئولي الأهلي ، الذين سارعوا باستعارته لمدة موسمين من الظفرة .. لكن عبد الوهاب لم يلق ذات النجاح في بدايته مع الأهلي ، فلم يشارك طوال الدور الأول لموسمه الأول مع الفريق سوى في شوط واحد أمام أسمنت أسيوط وتم استبداله .
وواصل عبد الوهاب سعيه الحثيث للحصول على مكانة أساسية في الجبهة اليسرى للأهلي في ظل منافسة شرسة من لاعب بحجم الأنجولي جيلبرتو ، والمثير أن اللاعب الراحل كان صاحب مكانة أساسية في تشكيلة منتخب مصر رغم عدم مشاركته مع الأهلي .
الموسم الثاني لعبد الوهاب مع الأهلي شهد دخول اللاعب في تشكيلة البرتغالي مانويل جوزيه لوقت أكبر ، لكن نقطة التحول الأساسية جاءت خلال مباراة الأهلي والنجم الساحلي التونسي في نهائي دوري أبطال أفريقيا نوفمبر 2005.
دخل عبد الوهاب بديلا لجيلبرتو بعد مرور عشر دقائق فقط من البداية ، واستغل اللاعب الراحل الفرصة وقدم أداء مبهرا تخلله كرة عرضية متقنة أحرز منها أسامة حسني هدفا من بين ثلاثية الأهلي يومها ، ونال استحسان مدربه البرتغالي.
وحصل عبد الوهاب على فرصة أخرى ذهبية لتثبيت أقدامه مع الفريق الأهلاوى بعد إصابة جيلبرتو البالغة بينما كان اللاعب الراحل يشارك مع منتخب مصر في كأس الأمم الأفريقية.
وبات عبد الوهاب لاعبا مهما في صفوف الأهلي ومنتخب مصر لاسيما بعد مشاركته الإيجابية في فوز "الفراعنة" بكأس الأمم الأفريقية 2006 ، ليصبح بعدها أحد أبرز نجوم القلعة الحمراء.
وضح النضج على عبد الوهاب رغم أنه لم يكمل عامه الـ23 بعد ، وقاد الجبهة اليسرى للأهلي بثبات وثقة في النصف الثاني من موسم 2005/ 20006 ، وكان سببا في انتصارات عديدة للفريق الأحمر محليا وأفريقيا.
عاش محمد عبد الوهاب فترة عصيبة للغاية بعد انتهاء موسم 2005/ 2006، بعد أن ماطل مسئولي الظفرة في عرض النادي الأهلى بضم اللاعب بصفة ناهئية لصفوف الفريق، بعد أن أنتهت فترة إعارته، وهو ما أبعد عبد الوهاب عن الأهلى في افتتاح مباريات دور الثمانية لدوري أبطال افريقيا 2006، حتى نجحت مساعي مسئولي الأهلى في تقريب وجهات النظر مع نادي الظفرة الإماراتي وتم الأتفاق بشكل نهائي على أنضمام عبد الوهاب للفرق، إلا أن القدر لم يمهل اللاعب حيث ودع الدنيا وأنتقل إلى جوار ربه، لتتوقف مسيرته الحافلة برغم عمره القصير.
وعلى الرغم من ان عبد الوهاب لم يقضي في الأهلى إلا عامين فقط، فقد نجح خلال هذه الفترة القصيرة في أن يحصد قبل البطولات حب الجماهير الحمراء، بفضل حسن خلقه وتدينه وعدم إثارته لإي مشكلات، حتى أن جماهير الأهلي أصابتها حالة من الهلع خلال لقاء الأهلى والزمالك في نهائي كأس مصر موسم 2005 / 2006 عندما سقط عبد الوهاب مغشيا عليه بعد التحام مع أحد لاعب الزمالك، ولم تكن الجماهير التي أحبت عبد الوهاب تلعم أن القدر ادخر لهم صدمة أكبر بعد فترة قصيرة، ليسقط عبد الوهاب في المكان الذي أحبه وشهد تألقه ليسدل الستار على مسيرة حافلة للاعب شاب فقدته الكرة المصرية.
مشاركاته مع المنتخبات المصرية:
حقق الراحل محمد عبد الوهاب ثلاث بطولات مع المنتخبات المصرية بدأها مع منتخب الشباب بالفوز بكأس الأمم الأفريقية عام 2003 في بوركينافاسو، ثم الفوز مع المنتخب العسكري بكأس العالم رقم 41 في المانيا عام 2005، وهي البطولة التي أحرز فيها محمد عبد الوهاب 3 أهداف أحرزها في مرمى ايطاليا بدور الـ 8 ومرمي المانيا بدور الـ 4 ثم سجل هدف الفوز بالبطولة أمام الجزائر في النهائي ليقتنص لقب الهداف برغم كونه لاعب مدافع.
كما شارك عبد الوهاب في كأس الأمم الأفريقية رقم 25 التي أستضافتها مصر على ملاعبها 2006 وفازت بها.
شارك عبد الوهاب في كل مباريات البطولة الست التي خاضتها مصر، وأحرز ركلة ترجيح في النهائي أمام كوت ديفوار، ليساهم في فوز الفراعنة باللقب الغائب 4/ 2.
نعي الأهلى لأبنه ولاعبه محمد عبد الوهاب:
"فقد النادي الأهلي بل فقد منتخب مصر وكرة القدم العربية والأفريقية لاعبا من أمهر اللاعبين ورياضيا من أكثر الرياضيين خلقا وأداء وفنا وسلوكا وواحدا من أكثر اللاعبين اسهاما في خدمة منتخب وطنه وناديه.
انتقل إلي رحمة الله تعالي محمد عبد الوهاب لاعب منتخب مصر والنادي الأهلي وهو يؤدي مرانه بالنادي الأهلي مع زملائه بعد أن انتابته أزمة قلبية مفاجئة.
والنادي الأهلي وهو ينعي لجماهيره ومحبي الرياضة ابنه الغالي الذي كان حريصا علي اللعب النظيف والروح الرياضية واحترامه الكامل لزملائه ومدربيه ومنافسيه يدعو المولى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم أسرته الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون".
نعي اتحاد الكرة المصري:
نعى مجلس إدارة اتحاد الكرة محمد عبد الوهاب إلي النادي الأهلي والمنتخب الوطني وكل جماهير الكرة المصرية لما قدمه اللاعب لناديه ولمنتخب بلده بتفان وإخلاص شديدين, كما قرر مجلس إدارة الاتحاد إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام حزنا علي وفاة اللاعب وارتداء لاعبي المنتخب الشارت السوداء والوقوف دقيقة حداد قبل مباراة المنتخب مع بورندي في تصفيات كأس الأمم الأفريقية وبحث تكريم اسم اللاعب وأسرته خلال أول اجتماع للمجلس.
كتب : إسلام أحمد
المصدر : موقع جماهير الأهلي